أثر تقنية المعلومات على المحاسبة الإدارية:
1. اللامركزية المعلومات المحاسبية:
جعلت نظم المعلومات المدمجة من السهل الحصول على المعلومات لجميع المسئولين في مختلف المستويات الإدارية دون الرجوع إلى المحاسبين أو أقسام المحاسبة, وقد أدى ذلك إلى لامركزية المعلومات حيث أن المعلومات مثل الموازنات التقديرية والفعلية والانحرافات أصبحت في متناول يد جميع المسئولين, بعد أن كانت مركزية أي لدى المحاسبين الإداريين الذين كان من أهم أدوارهم هو إعداد هذه المعلومات وتقديمها للمدراء, فالتقدم في تقنية المعلومات أخذ كثيراً من المهام الروتينية التي كان يقوم بها المحاسب الإداري, حيث أصبح الأمر بالنسبة للمحاسبين مجرد إدخال قيود اليومية التي تثبت الأحداث المالية ودورهم لا يتعدى المتابعة لمخرجات نظم المعلومات بدلاً من دورهم السابق وهو تشغيل هذه النظم .
من ناحية ثانية نتج عن لامركزية المعلومات المحاسبية تحميل المدراء مسئولية إدارة التكاليف التي كانت من مسئوليات المحاسبين, فإدارة التكاليف أصبحت جزءاً من المهام الإدارية, ويعني ذلك أن كل وحدة إدارية بحاجة إلى من يفهم محاسبة التكاليف وتحليل الانحرافات والتقارير المالية ذات العلاقة, فقد يقوم بهذا الدور المدراء إذا كانت لديهم خلفية كافية عن المحاسبة.
أما في حالة الحاجة إلى محاسب فإن الأمر يتطلب انتقال المحاسبين من إدارتهم إلى الوحدات الإدارية التي تحتاج إلى خدماتهم.
انتقال المحاسبين إلى وحدات إدارية في مختلف المستويات الإدارية يعني لامركزية أقسام المحاسبة داخل الهيكل التنظيمي للمنظمات كما تشير الدراسات التي اهتمت بالعلاقة بين تحويله من هيكل هرمي إلى هيكل تنظيمي منبسط.
ويعود ذلك إلى أن أهم الأدوار التي تقوم بها الإدارة الوسطى في الهرم الإداري التقليدي هو الإشراف على إعداد وتزويد الإدارات ذات علاقة بالمعلومات اللازمة وهذا الدور أصبحت تقوم به تقنية المعلومات المتقدمة خير قيام.
2. تقنية المعلومات ومفهوم الملائمة في المحاسبة الإدارية:
أن المحاسبة الإدارية فقدت ملائمتها للقرارات الإدارية, وذلك نتيجة لعدم مواكبة المحاسبة الإدارية للتغيرات التي حدثت في بيئة الأعمال وتقنية التصنيع والهيكل التنظيمي للمنظمات, وأن أهم الأسباب التي أدت إلى فشل المحاسبة الإدارية هو عدم حدوث أي تطور يذكر في أساليب المحاسبة الإدارية منذ بداية القرن العشرين.
ومنذ أن برزت ظاهرة فقدان المحاسبة الإدارية للملائمة ظهرت عدة أساليب حديثة في المحاسبة الإدارية منها التكاليف على أساس النشاط, وتقييم الأداء المتوازن, والجودة الشاملة, والمقاييس المرجعية, والمحاسبة الإدارية الإستراتيجية.
الدراسات الميدانية التي أجريت عن مدى انتشار هذه الأساليب الحديثة في المنظمات كانت مخيبة لآمال الكثير من الباحثين, فعلى سبيل المثال تشير الدراسات الميدانية إلى أنه ما بين 20% إلى 30% من المنشآت فقط استخدمت أسلوب الإدارة والتكاليف على أساس النشاط, في حين أن أساليب المحاسبة الإدارية التقليدية كانت مستخدمة وبشكل واسع.
بعثت تقنية المعلومات المتقدمة آمالاً كبيرة لدى كثير من الباحثين في أن تقوم هذه التقنية بإحداث تغيير في المحاسبة الإدارية وذلك بتسهيل استخدام أساليب المحاسبة الإدارية الحديثة.
ونظراً لعدم وجود إطار نظري يمكن الاعتماد عليه في دعم هذه الرؤية اعتمد الباحثون على عدد كبير من المنافع المرجوة من استخدام تقنية المعلومات المتقدمة منها: 1. أن نظم المعلومات المدمجة تدعم التخطيط الاستراتيجي.
2. أنها تعمل على تغيير الهيكل التنظيمي وذلك بإحداث ترابط قوي بين
الوظائف الإدارية.
3. أن الترابط بين كافة نظم المعلومات يعمل على دعم وحدة البيانات والتقارير.
وقد أكدت نتائج الدراسات الميدانية التي كانت تهدف إلى معرفة مدى تأثير تقنية المعلومات على انتشار أساليب المحاسبة الإدارية الحديثة على أن هناك منافع عامة لاستخدام تقنية المعلومات من حيث أنها تزيد من الفاعلية والكفاءة والجودة العالية للمعلومات إضافة إلى سهولة الوصول إليها, إلا أن تأثير تقنية المعلومات كان ضعيفاً على تحسين مستوى دعم القرار بالنسبة للمحاسبة الإدارية, وبصفة خاصة تأثير تقنية المعلومات كان ثانوياً على استخدام أساليب المحاسبة الإدارية الحديثة مثل التكاليف على أساس النشاط, تقييم الأداء المتوازن, تحليل سلاسل القيم وغيرها, والتي تتطلب معالجة معقدة للمعلومات وليس مجرد استخراج التقارير المالية من البيانات.
هذا وقد أشارت بعض هذه الدراسات إلى أن هناك أسباباً لضعف تأثير تقنية المعلومات على تبني المحاسبة الإدارية الحديثة منها:
1. أن نظم تقنية المعلومات المتقدمة معقدة وتتطلب بعض الوقت حتى يتسنى الحصول منها على المنافع الأكثر تعقيداً, وليس غريباً على هذه النظم المتطورة جداً أن يحتاج المستخدمون وقتاً للتعلم على كيفية استخراج المنافع المتوقعة منها خاصة أن هذه النظم تشهد تطوراً مستمراً وسريعاً.
2. إن إمكانية الحصول على كافة المنافع المتوقعة من هذه النظم وعلى رأسها استخدام أساليب المحاسبة الإدارية الحديثة محدودة طالما أن تطبيق بعض المنظمات لهذه النظم ما زال جزئياً وليس كلياً.
3. إن هناك جيلاً جديداً ومكملاً لهذه النظم يركز على تحليل المعلومات الإستراتيجية والمتوقع أنه سوف يشجع على استخدام الأساليب الحديثة للمحاسبة الإدارية.
تجدر الإشارة إلى أن تقنية المعلومات لا تمثل سوى عامل واحد وهناك عوامل كثيرة تؤثر على المنشآت لنظم المحاسبة الإدارية الحديثة مثل حجم المنشأة, إستراتيجية المنشأة ونوع القطاع (صناعي, خدمي), فعلى سبيل المثال قد تفضل المنشآت الصناعية التي تستخدم نظم التصنيع المتقدمة استخدام أسلوب التكاليف على أساس النشاط نظراً لأن نسبة التكاليف الصناعية غير المباشرة كبيرة جداً مقارنة بتكاليف العمالة المباشرة المنخفضة جداً في مثل هذه المنشآت.
من ناحية ثانية لم يقتصر الجدول حول مفهوم فقدان الملائمة على ضرورة استخدام أساليب المحاسبة الإدارية الحديثة بل تعدى ذلك إلى قضية أخرى لا تقل أهمية, وهي أن المحاسبة المالية ومتطلباتها الإلزامية التي تشمل إعداد تقارير مالية لمختلف الجهات الخارجية قد هيمنت على المحاسبة الإدارية, بمعنى أنه في حالة وجود نظام مالي واحد فإن هذا النظام سوف يخدم المحاسبة المالية وعلى حساب المحاسبة الإدارية التي تأتي في الدرجة الثانية. فاهتمام الإدارة العليا بهذا النظام المالي سوف يشغل المحاسبين والنتيجة اعتماد المدراء على مخرجات هذا النظام عند اتخاذ القرارات ومخرجات نظم المحاسبة المالية تعتبر غير ملائمة لاتخاذ القرارات.
ومما تشير إليه الدراسات الميدانية في هذا أنه كان لتقنية المعلومات أثر إيجابي على هذا الجانب فقواعد البيانات المتقدمة تقدم معلومات لمختلف الأغراض وتفصل بين معلومات المحاسبة المالية والمحاسبة الإدارية.
وهذا يعني أن نظم المعلومات المدمجة تضمن عدم هيمنة المحاسبة المالية على المحاسبة الإدارية.
وأتمنى الإستفادة من هذا الجهد المتواضع